أصحاب الجنة

1٬370

من روائع ما نظمه شاعر الاسلام محمد إقبال  رحمـه الله قصة أصحاب الجنّة شعـراً، وقد قام الشيخ الصـاوي شعـلان بنظمها باللغـة العـربيـة. وإن مما يثير العجب  فعلاً  هذه الروعة في أداء المعاني بحيث لا يشعر المرء بأثر الترجمة.  فجزى الله عنا شاعر الإسلام خير الجزاء .

الحرص قد يجعـل الأحرار عبدانا

وقد يصـوغ من الأموال أوثـانـا

إذا رأيت قلوباً بالندى جبلت

فاصنـع بها في أثاث البيت جـدرانا

كم قصة في كتاب اللـه ناطقة

يعيـدها النـاس في دنيـاهم الآنـا

أصحاب جنـة ضروان وجنـتها

قد أنـزل الله فيهـا الوحي قـرآنـا

قد كان صاحبهـا في الفضل ذا شـيم

أندى من الروض أزهاراً وأفنـانـا

فما بكى حوله الأيتام من سغـب

ولا شكا عنده المضعـوف حرمانـا

لا يكـتفي بزكاة الزرع يـخرجـها

حـتى يـضيف إلى الإحسان إحسانا

وأشرق الصبح فياض الندى عـبـقاً

يخـتال نَـوراً وأنداءً وريحـانـا

وأقـبل الشـيخ يـمشي في مهابتـه

متوجاً بـوقـار الشـيب جذلانا

يـحدو خطاه إلى الـبستـان راعشة

وما يزال شبـاب القـلب ريـانـا

رأى عجائـب صنع الله قد رسمـت

ما يسحر اللب أطـيافـاً وألـوانـا

والـورد في الحلل الخـضراء تحسبـه

زمرداً ضـم ياقـوتـا ومرجـانـا

تـرى الفـواكه مما يشتـهون بـها

طلعاً وطلحاً وأعـنابـاً ورمـانـا

والطـير ترسل في تسبيح خالـقها

ما يعجـز الفـصحاء اللسن تبـيانـا

ما صـّور الله لا يـرقى لـه بشر

سبحانـه في عـلاه ألف سبحـانـا

وكان للشيـخ أبنـاء قد ازدهـروا

وأورقوا في ربـيـع العمر فتـيانـا

وحين شارف قـرباً من نـهايـته

وإن يومـاً وشيـك البـين قد حانا

أوصى بـنـيه بـأن تبقى مكارمـه

إرثاً يقـيم لهـم في المجـد بنـيانـا

لا تنبتوا الشحّ بـعدي في مزارعـكم

 لا تـجعلوا جـنتي بالحرص نـيرانا

فما احتـجزت عن الأهلـين ثروتها

يوم الحـصاد ولا أهمـلت جـيرانا

لا يستر الخـزّ في بدوٍ ولا حـضـرٍ

من كان من حلـية المعروف عريانـا

الـنمل تـبـني قراها في تماسـكها

والنحل تـجني رحـيق الشهد أعوانا

والنهر يسقي العطاشى من مناهله

ريـاً ورزقاً ويـبقى النـهر ملآنـا

وفارق الشـيخ دنـيا لا يدوم بـها

غـير الثـناء لأهل الفضل عنـوانـا

فبدّل الإخـوة الأبـناء سـنّـتـه

وارتدّ إيمـانـهم بـالعهـد كفرانا

وأضمـروا خـطـة نـكراء غادرةً

كانت عواقبها ويـلاً وخـذلانـا

وأقسمـوا أن يهـبوا مـصبحين إلى

جمع الثـمار ولا يألون كـتمـانـا

كي لا يـراعوا بمسكين يـطالـعهم

في طـمره لاهـث الأنفاس جوعانا

فأرسل المـلك الجبار نقـمـتـه

جزاء مـا أضمـروا بغياً وعـدوانـا

ألقت بأشجارهـا صرعى فما تركت

حـتى لأغـصانها الأوراق أكـفـانا

غـدوا على حرثهم صبحاً فما وجدوا

في الحقـل نبتاً ولا في الأرض بسـتانا

ضلّ الطريق بهـم بل ضلّ مذهـبهم

وصار مـبصرهم في النور حـيـرانا

وقال أوسطهم إني نصحت لكم

فـلم أجـد بينكم لـلنصح آذانـا

الله يعلم ما تـخفي الـصدور ومـا

يكون سـراً يـراه الـله إعلانـا

مـاذا ظنـنتم بعلام الـغيوب إذن

أكان جهـلاً بكم أم كان نسيـانـا

خزائـن الله مـلأى لا نـفاد لها

سبحانه قال” كن” فالأمر قـد كـانا

إنّ الألى حرمـوا المسكين قـد رجعوا

أذلّ مسكـنـةً منه وحرمـانـا

وقـد مضى قـدر لم يـمحه نـدم

مكر البخـيل يحيـل الربـح خسرانا

إن رمت جـنّـة رضوان فكن حذراً

ولا تكن واحداً من أهـل ضـروانـا