أيُّها المسلمُ

372

أيُّها المسلمُ يا من خُلقا .. ليكون الحقُّ فيه خُلُقا

انهض يا صاح بالعبءِ الثقيل .. أنت في الأرضِ عن الله وكيل

قد قضى الخلّاق بالأمر إليك .. قسم الأرزاق يوماً بيديك

سطِّرن بالحقِ في هذي البلاد .. واحكمن بالعدلِ ما بين العباد

أنقذِ الإنسان من هذا الشّقاء .. وأزل من أرضنا هذا العناء

املأ الأرض بحبٍ وصفاء .. وسلامٍ وودادٍ وإخاء

واحكمن بالحقِ في أرجائها .. وانْعَمَنْ بالأمن في أفيائها

واملأ الآفاقَ حقاً وسَنَا .. واملأنْ بالخير آفاقَ الدُّنا

علِم الإيمان والحق العلي .. علِم الإيثارَ والزهدَ الغني

زهدَ مَنْ يملك آلاف الألوف .. وهي في عينيه لغوٌ وزيوف

قولةٌ في الحقّ أعلى عنده .. فعلةٌ في الخير أغلى عنده

كلُّ ما يمسكُ منها درهمُ .. كلُّ ما ينفق منها مغنمُ

هذهِ الأموالُ جمعاً في عينِ الحكيم .. إنها الدرهمُ في كفّ الكريم

جوهراً يحسبُ من لا يعرفُ .. وهي عند العارفين الصّدَفُ

إنما الجوهر قلبٌ قد أضاء .. وَسِعَ الأرضَ جميعاً والسّماء

لا يعافُ الحرُّ أكلَ الطيبات .. آخذاً في الأرض كلّ الثمرات

ربما استولى على أعدادها .. ربما أوفى على آمادها

آخذاً أو معطياً لا يَشْرَهُ .. رابحاً أو خاسراً لا يأبه

عبَّد الدنيا ولا تستعبده .. فاكهاً في نعمةٍ لا تفسده

حائماً للرزقِ صقراً طائراً .. لا يُريغُ الرزاق فيها صاغرا

فإذا شِيْمَ هواناً فزعاً .. مثل ما يَفزعُ من قد لُسعا

واستمدّ العزَّ من همَّته .. واستثار النار مِن عَزمَتِه

فإذا الماءُ لهيبٌ ودُخان .. وإذا الحلمُ ضرابٌ وطِعان

وإذا سُدَّ عليه كلُّ باب .. فارق الدنيا إلى غير إياب

إن موتَ الحرُّ في ذلته .. وحياةَ الحرّ في عزّته

ديوان اللّمعات