إشكاليات في سؤال القيم؟
هل الإنسان قيمة بذاته؟ أم هو قيمة بقيَمه؟ وهل هذا سؤال مشروع وما وجه شرعيته؟
هل هناك قيمة مجردة من وعاءها الإنساني؟
وهل القيمة عرض من أعراض جوهر الإنسان؟ أم هي جوهر ذلك الإنسان؟ فإن كانت جوهر للإنسان يمكننا فهم التقرير الذي يقول بقيمة الإنسان الذاتية على أنه تقرير الاعتبار للأخلاق في حين كونها عرض من أعراضه يحتاج إلى فحص ضرورة هذا العرض الوجودية بالنسبة لاستمرارية الإنسان إنسانياً، هل تستمر بزوال هذا العرض أم لا؟
قضية الجوهر والعرض في تحديد طبيعة القيم هي قضية تعريفية للإنسان من باب أولى، وسيتضح معنا لاحقاً أن أساس النزاعات بين المفكرين مردها النزاع على طبيعة القيم ذاتها وتحديد جوهرها.
وما يهمني من النقاشات النظرية هو آثارها العملية، لهذا سأختار حقوق الإنسان نموذجاً للفحص النقدي لتعلقها وثقلها في الجانب العملي المعاصر كمدخل لاستنتاج نظري حول القيم.
فما هي حقوق الإنسان؟ هل هي قيم مثالية تحسينية؟ أم حاجات ضرورية للإنسان؟ وما معنى الضرورة هنا؟
هذا سؤال الماهية، يحتمل إجابة تحليلية تقوم بتفكيك المركب إلى وحداته الأولية أو تحديد نسبة الإضافة بين المركبين.
كما يحتمل أن تنظر إليه باعتبار وحدة واحدة في مركبها تباين به مجموع وحداتها الفردية.
يتجنب البعض هذا النمط التقليدي من التعريفات؛ فهي تستند إلى الدلالة اللغوية، في حين أن المركب مجرد مقولة لا ترقى إلى مستوى الدلالة المفاهيمية لدى الكثيرين، كما أن تعريفات الهوية لا تعرف إجماعاً قاطعاً وحاسماً إلا بالتواضع على المعنى ابتداءً، وهذا مستحيل نظرياً ولكنه ممكن عملياً بتراكم الخبرة تلو الأخرى بما تنتهي به إلى كونها مسلمة عملية يستخرج منها فيما بعد قواعدها النظرية.
وهذا بالضبط ما يجعل التعريف نفسه تعبيراً عن التكوين الثقافي لكل ثقافة على حدة، أي أنه خصوصية ثقافية وليس مشترك إنساني واحد، ويتجسد هذا في جواب سؤال الماهية الذي يأخذ الشكل الرياضي من جهة رؤيته كقائمة عددية في تعداد العناصر الحقوقية أو من جهة رؤيته كمجموعة تحدد شروط الانضمام إليها، بحيث يمنع منها من لا يتوفر شرطه ولا يخرج منها من تحقق جمعه داخلها وهذان شرطا التعريف الصحيح في تعريف التعريف تجسده خصائص المجموعة رياضياً.
فسؤال حقوق الإنسان، يفترض أنه يتضمن نطاق القيم التي يصح تصنيفها في دائرة الحقوق الإنسانية، ولا يمكن أن يتم هذا بمعزل عن عمل المعيارية التي تحدد لنا المجال والنطاق الشامل للقيم.
فالسؤال يستبطن إشكالية المعيارية في تحديد جوابه.
لكن هل هناك طريقة أخرى أفضل لفهم هذه الموضوعات؟
فطريقة الملاحظة المنهجية لكيفية دراسة الظاهرة شأن يختلف عن طريقة ومنهج ذو بعد موضوعي ينشغل بدراسة مضمون الظاهرة.
يلجأ البعض إلى الخبرة التاريخية لتأسيس القول أن الجديد لديكم قديم لدينا، وكل خبرة تاريخية هي خصوصية ثقافية ذات سيرورة مفتوحة، كما أنه من العسير جداً محاولة الملاءمة بين النموذج التاريخي للحقوق والقيم وبين المستوى المعياري المعاصر لهذه القيم؛ لأن الحاضر قائم معيارياً على تجاوز الماضي، في حين أن عمل النموذج هو تقييد الحاضر إلى معيار الماضي، نفس هذه المقاربة تأصَّل لعدم الموضوع من أصله بحكم سلبية النموذج التاريخي الذي تختاره وتمزجه بالنصوص النظرية عمداً لتطمس الفرق منهجياً بين النسق النظري والسياق الظرفي؛ بين النظرية المؤسسة والتطبيق المنجز، فتكون النماذج التاريخية حكماً قاطعاً على النظرية والفكر، وتتغافل عن ضرورة المجانسة في كل قياس ومماثلة، فتقابل فكرة حقوق الإنسان كنظرية بواقع الممارسة التاريخية للمخالف متجاهلةً الممارسة التاريخية الأسوأ للقائل بالحقوق.
فنموذج حقوق الإنسان تاريخياً لا يدعم واقع أنه مبدأ سياسي في الواقع الراهن كشرط لعمل المؤسسات التي ستحظى بالدعم والمشروعية دولياً.
فما هو الأساس الذي يحدد لنا النطاق المعياري لمبدأ حقوق الإنسان؟ ولا يمكننا تحديد المجال ومداه دون إدراك لطبيعة ومقاصد هذه الحقوق؟
مشكلة النطاق تتحدد على ضوء إشكالية طبيعة القيم.
نلحظ من زاوية نظرية أن القيم ومثالها، هنا حقوق الإنسان، من المفترض أن تكون قضية كلية؛ أي أنها بالتعبير السياسي قضية كونية، لكن الممارسة لا تعرف الكلية، فهي كلية جزئية، كل جزئي لا أكثر، وليس كلي، فالعمل خبرة جزئية، ولهذا نفهم تولد القلق من هذه الكلية الكونية بالذات لعدم ضمان اشتمال الكل على كلياته الجزئية كلها، فالتعميم يتم بفرض الإكراه والقوة وليس بمنطق الاستقراء لكل جزئياته، ولهذا يستبطن تراتبية قيمية معبرة عن رتبة القوة.
هذه التراتبية ليست فقط في فرض طبيعة محددة للقيم من وحي الخبرة التاريخية المخصوصة وبمنطق القوة الصارم، بل إنها تمتد إلى ترتيب الحقوق والقيم ذاتها على صعيد يخدم القوة ويجدد الخصوصية.
وهنا يطرح سؤال هل كل الحقوق لها الرتبة والقيمة ذاتها بالنسبة للوجود الإنساني؟
الإنسان لا يفكر عقلياً في سعيه وكده للحياة بمثل هذا السؤال، فالممارسة والسلوك في تلبية الحاجات وسدها تفرض شروطها بأثر رجعي على التصور الفردي وعلى النظرية التعريفية فيما بعد لتحديد الجواب؛ فالنظر منطوق العمل المباشر وليس مفهومه المحدد للعمل عندما يكون العمل فقط صدى للضرورة.
بناءً عليه هل يمكن اعتبار القيم عموماً وحقوق الإنسان خصوصاً كدليل إرشادي للعمل؟ ومتى يصح ذلك؟
كي تكون دليلاً إرشادياً تحتاج أن تكون مرجعية بذاتها تقاس إليها شرعية أي عمل آخر، ولا تتعارض بنيوياً مع نفسها، لكن حقوق الإنسان متعارضة مع بعضها بعضا، بمعنى أن تطبيق حق قد يكون على حساب وجود حق آخر، ولا يُحل هذا التعارض بالجدل النظري بالقدر الذي يُحسم واقعياً بفرض القوة لتراتبية قيمية في العمل.
لكن المرجعية ليست هي دائماً الدافعية للعمل، فهل الحق في ذاته كاف ليشكل دافعية للعمل على منواله؟ أم أنه يبقى حقاً نظرياً يؤمن به الفرد في حين يتحرك سلوكياً على خلافه بحكم تباين الدافعية المسوغة للعمل عن المرجعية القيمية لذات الفرد، وهذا يجعل القيمة بلا قيمة ولا معنى ولا غاية، في تناقض صارخ مع خاصية الحق كقيمة في التعريف النظري بشرطي المعنى والغاية. وعلى خلاف تعريف الحق في المدرسة الوضعية بتوفر شرط الإلزام والسلطة القانونية، أي أنه لديهم ليكون الحق حقاً ويستحق بحق تلك الصفة، يجب أن يكون حقاً قانونياً تملك السلطة القدرة على إنفاذه، أما مَن فقد هذا الشرط فهو ليس إلا مجرد مطالب أخلاقية وإن قيل عنها حقوق تعسفاً. ويتجاهل هؤلاء الوضعيون أن الحقوق الأخلاقية تملك نمطاً سلطوياً كذلك وتعرف قضية الإلزام من داخل ضمير ووعي الأخلاقي بعكس الحق القانوني الذي يملك السلطة من الخارج، كما أن الحق الأخلاقي أقدم وجوداً من الحق القانوني، والخبرة البشرية تدلل على أن الحق القانوني هو تجسيد متأخر لمطالب الحق الأخلاقي، وعليه فتأخر الحق القانوني في الاعتراف بمطالب الحق الأخلاقي لا يجعل الأخير باطلاً أو مجرد أوهام مثالية، فهي ثابتة بذاتها سواء أثبتها الحق القانوني أم تجاهلها إلى حين الرضوخ لها.
إذن الحق حق بدلالة جهة المواجهة.
وهنا نوعان يميزهما الدارسون:
حق في مواجهة جهة ما فهو حقوق مطالبية.
وحق هو ممارسة حرة دون عوائق فهو حقوق حرية.
لكن المفارقة الناجمة عن تباين الدافعية والمرجعية في العمل هي مفارقة نظرية تأخذ صور موضوعات متنوعة بتنوع زاوية النظر ومنهج المقاربة، لكن هذا لا يُصيّر الحقوق نظرية من جنس الفكرة الفلسفية المثالية أو أنها فكرة جمالية حالمة، لأنها تولد القلق النفسي والوجداني في داخل الفرد المؤمن بها والعاجز لعلل عدة عن التحرك بوحي منها، ولهذا تنفع كأداة سياسية تستخدم لتحقيق الأجندات السياسية لمستخدمها تحت غطاء تخفيف ورفع القلق عن كاهل الإنسان.
والإنسان لا يقلق على ما هو فائض عن ضرورياته الوجودية، والمفترض أن قيم حقوق الإنسان لتكون هي ذاتها دافعية العمل كما هي مرجعيته يجب على الأقل أن تلبي الضروري من الوجود فتكون طبيعية في الإشباع، ومهذبة له بالتعالي القيمي في الوقت نفسه.
بمعنى أنها تهذب ما بعد الطبيعي عند سداد حاجاته بغية حمايته من تجاوز القدر الذي به هلاكه، ولا تكتفي بتقريره فقط.
تلتقي المدرسة الطبيعية في فلسفة القيم مع مدرسة المقاصد الشرعية في نقطة تقرير الكليات الأساسية قيمياً، ليفترقا بعدها في قضية التصرف والتعديل في هذه القيم الذي ترفض المدرسة الطبيعية أي محاولة للتدخل للتصرف فيما هو معطى بشرى بحكم الطبيعة البشرية، على خلاف الرؤية الإسلامية التي تعبر عنها بالكليات الأساسية أو الضروريات الخمس ضامرة بالتعبير فرقاً وتمييزاً فلسفياً وعقدياً قائماً على أن الضروري طبيعي بالضرورة ولا يلزم هذا أن يكون كل طبيعي ضروري، ولهذا انعكاس جوهري على فلسفة التشريع التي تفترش التصور الكلي للوجود أرضية لبنائها .
وبالتالي فالحقوق من جنس طبيعتها البشرية هي حقوق طبيعية لا تدخل للثقافة والأخلاق في المساس بها لدى تيار المدرسة الطبيعية في تأويل القيم.
على هذا الفرض تقوم التفرقة بين الحقوق الطبيعية والحقوق المكتسبة لاحقاً بالنضال الإنساني أو بالإكراه القانوني، فتكون عندها مرجع القياس، بمعنى أنها حقوق تعبر عن تصور معياري تقاس شرعية الحقوق المكتسبة دوماً إليه؛ فأي تقدم وتطور في وضع الحقوق لا يصح أن ينقص من قاعدة رفعه وأساسه في الحقوق الطبيعية.
وعند التأمل جيداً في رأي هذه المدرسة تلحظ أن القول بطبيعية الحقوق هو طريقة في تصور هذه الحقوق نفسها وتخيلها، وينجم عن هذا أنها بالطبيعة مشاع عام لا احتكار فيه مطلقاً ولا تمييز ولا تصنيف زائد ومركب على ما هو بالمعطى طبيعي، من نمط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي جرى إدخالها في نطاق الحقوق الطبيعية نفسها، لعجزنا عن تحديدها كنتاج للطبيعة، وبالتالي أحكم النطاق في هذه المدرسة على حقوق الإنسان بختم وقيد الطبيعة البشرية فقط لا غير.
الطبيعة لا تفني ذاتها، ولا غاية لها ولا وعي؛ أي أنها محايدة في قصدية العمل، وكون القيم طبيعية يخالف وصفها صفتها العملية، فالقيم قد تلغي أصل الوجود الذي وجدت من أجله، فحين يجوع الشخص أو يفقد السعادة وييأس ينتحر، فهنا قيمة ألغت أصل وجودها، فبأي معنى تكون معطى طبيعياً؟
ثم هل ينجم من هذا أن التعدد القيمي هو تعدد في المستوى الصناعي التركيبي وأنه موحد في المستوى الطبيعي؟
القيم لتكون حقاً يجب أن تكون معيار العمل وهذا يجعلها بالتعريف تمس الطبيعة من جهة التحكم في منسوبها وتحديد أشكال وطرق التعامل معها. كذلك تجد أن التراتبية في القيم هي أولويات في الوجود، أي أن من في المستوى الأعلى رتبة قد يلغي بعض الحقوق في المستوى القاعدي/ الطبيعي بما لا يخل بقوامة واستمرارية الطبيعة.
فقد نتفق على الحقوق الطبيعية ومع هذا نختلف في كيفية التعاطي معها، فالخلاف ليس فيها بل هو حولها؛ فالقيم لا تحدد عناصرها فقط بل طريقة التعامل معها، وهذا كيف مختلف فيه داخل التوافق على الكم، يتطلب التدقيق في الدلالات الأخلاقية للتعدد بالنسبة إلى القيم وانعكاس هذا على موضوع حقوق الإنسان؟
كان الكلام مشغولاً بإشكاليات تمس النسق، وليس هناك نسق يُدرك بمعزل عن سياق تشكله، وموضوع حقوق الإنسان قرين نشوء الدولة الحديثة وبزوغ الحداثة حتى يكاد يكون علامة حصرية لها؛ أي أنه يمكن النظر إليه كنوع بذاته من بين أنواع متعددة للقيم، فيستدعي فوراً إشكالية المساواة والعدالة في التعدد القيمي كسؤال مشروع. فالتعدد يفترض المساواة والعدالة في التعدد القيمي نظرياً من جهة، ومن جهة أخرى تعلق موضوع حقوق الإنسان بمسيرة الحداثة وسيرورة العولمة يصيرها معيارية في الفصل بين التعدد القيمي لصالح حقوق الإنسان على ما عداها من القيم الأخرى. فالمساواة نظرياً ملغاة علمياً بفرض المعيارية عملياً، فتغدو قضية التعدد بلا معنى ولا غاية، مجرد مستحاث من الماضي أو ديكور فلكلوري حميمي؛ فتنشط الثقافات في الدفاع عن وجودها القيمي في شكل توجيه اتهام للحقوق الإنسانية على أنها موضوع للولاء السياسي للقوى التي تستخدمها في الإكراه على نمط من القيم يعبر عن خصوصيتها النسقية.
دعنا ننتقل من سياق التعدد القيمي بين الثقافات إلى التعدد داخل النسق القيمي نفسه. فالأول متعلق بالقوة في الحسم لرتبته الوجودية والثاني متعلق بالتصور في ترتيب الوجود، ففي الفلسفة الأخلاقية والسياسية المعاصرة اتجاه قوى يقول بتعددية القيم كأساس للحياة الخيرة ويفصلها إلى جزئيين: جزء هو القيم الخلقية؛ والآخر القيم غير الخلقية، والصدام والنزاع قائم في تصور هذه المدرسة بين القيم من داخل المنظومة القيمية نفسها بما يستحيل معه رفع نزاعها من داخل بنيتها توافقياً.
القيم الخلقية هي تلك التي تخدم القيم ذاتها أما الثانية فهي تلك التي تخدم الذات القيمّة،
وهذا التصادم والنزاع مرده إلى خاصيتين يحددهما طه عبد الرحمن في خاصيتي التغاير والتباين.
خاصية التغاير:
– إن القيمتين المتصادمتين لا تقبلان المقايسة أو المقارنة أحدهما بالأخرى وذلك لعلل:
أ- عدم وجود قيمة عليا تفترض تراتبية البقية قياساً إليها؛
ب- عدم وجود قاعدة عامة يحتكم إليها في رفع الصدام.
خاصية التباين:
وفيها نوعان تباين منطقي وتباين تطبيقي.
التباين المنطقي:
مدلول إحدى القيمتين لا يمكن أن يجتمع في العقل مع مدلول القيمة الأخرى، فالمجموع صفري الدلالة؛ بمعنى مدلول أحدهما التصوري يلغي لزاماً الوجود التصوري للآخر مثاله (العدل – العفو).
التباين التطبيقي:
لا يوجد بينهما تباين منطقي في التصورات لأنهما متوافقان منطقياً ولكنهما متباينان عملياً، من وجه أن شروط العمل لأحدهما لها أحكامها الخاصة على شروط وجود الأخرى مثل (الزواج – العلم)، فالجمع بينهما قائم منطقياً وتصورياً ومع هذا ففي الواقع تجد أن ظروف العلم تفرض على من اختارها عسر الجمع مع الزواج، فيضحي بالزواج لأجل سعادته بالعلم.
ما يصح في التعدد داخل القيم، يصح في التعدد بين القيم، مع التنبه أن ما يغيب من معيارية عليا في النسق، يعوض بالقوة كدليل معياري في السياق الصراع بين القيم المتعددة.
نختم بتعريف الفارابي للإنسان على أنه نظرية ما هو بالقوة وما هو بالفعل؛ أي أنه له إمكانيات بنيوية داخلية هي ما يسميه فلسفياً كائنٌ بالقوة، فمتى ما تجسدت واقعاً عملياً فهو كائنٌ بالفعل، والقيم لدى الفارابي هي مكمونات بالقوة داخل الإنسان
يخرجها الإنسان واقعاً بالفعل على شكل الهيئة والقوة التي رشحت، تغلب إحدى هذه الصفات المتعارضة بالقوة في الداخل (خير شر، أنانية، كرم، وهكذا).
ولهذا يرى أن طبائع الإنسان هي من تشكل خصائص العمران؛ فالإنسان النوع وليس الفرد هو من يصنع الدولة ويشكلها بأخلاقه الفعلية في التصور الفارابي كمثال من التراث الإسلامي على خلاف مآل واتجاه تطور الحداثة ونشوء الدولة التي تعمل على تشكيل الإنسان على منوال أخلاقها الحداثية المعبرة عن مصالحها وقيمها النفعية المستندة إلى ما هو قائم بالفعل لقمع ووأد ما هو كائن بالقوة من خصائص وقيم في داخل الإنسان.